الخميس، 10 يوليو 2008

العبرة ... لمن إعتبر


 

من إمام دين التوحيد ... إمام دين الدروز ...
العبرة ... لمن إعتبر ... والعاقبة لمن إزدجر ... والعاقل من يحسب حساب العودة والرجعة ... فلا تشغلنه أمورالحياة الدنيا عن درب المآب ... فكم هي أعداد جبابرة الأنس والجن - عندما شاخ بهم الدهر - طلبوا الرجعة والعودة ... والأوبة والتوبة... لكن كل ذلك كان بعد فوات الآوان ... وندموا ندماً شديداً على ما اقترفته أيديهم ... وتمنوا لو الأرض تنشق وتبتلعهم ... عندما كانوا يعودون القهقرى بالذكرى لإيام وسنين قد إنقضت وولت ... وهم قاب قوسين أو أدنى من عتبات القبور ... ينتظرون الموت ... وينتظرهم على الأبواب ... لو لم يكن الخالق العظيم حكيماً ... وكلمة العدل والحق عنده وزنها وزن السموات والمجرات والكواكب والأفلاك والأرضين ... بل أكثر من ذلك بكثير ... لو لم يكن كذلك ... لهرب الطغاة من ثقل أوزارهم ... من جيل إلى جيل ... ولكان ذلك حافزاً لهم يزيدهم سطوة وطغياناً وشرورا... وعيثاً وفساداً ورجساً وفجورا ....

لكن الخالق العظيم حق ... وعادل وحكيم ... وإن كانت قد بنيت الأفلاك والكواكب والسموات والأرضين ... وكل هذا الكون ... إن كانت بنيت بالحق ... وبكلمة الحق ... ولأجل الحق ... ولكرامة الحق ... فكم يكون معنى عظيم حكمته وعظيم عدله وقسطاطه ... والخالق العظيم لو كان قد ميز أشخاص من عبيده البشر ... لكان خلق لهم أعضاء إضافية وميزات إضافية ... تمايزهم عن سائر البشر ... ولكان البشر - جميعهم - ... قد أشاروا عليهم بالبنان ... وبأن هؤلاء مميزين ... ومتمايزين .... والمعنى من ذلك ... بإن جميع البشر سواسية من حيث علاقتهم بالخالق العظيم ... وسواسية من حيث العبودية .... وسواسية من حيث الحقوق والواجبات ... وسواسية من حيث معاملاتهم فيما بين بعضهم البعض ... وإن حسبتم أن الخالق العظيم متعالي ... ومتكبر ... ومتجبر ... فكم تكونوا على خطأ ... فهذه الصفات من صفات الجاهلين والحمقى .... وهو العالم الحكيم ذو العقل الرشيد الرجيح .... بل هو أعظم المتواضعين ... وهو الجندي المجهول ... وعندما ينهيكم عن الكبر والتعالي والتجبر ... فيقصد من ذلك أن تسيروا على وقع خطاه ... بيده ملكوت السموات والأرض ... ومن جهة أخرى فهوأعظم المتواضعين .... لديه ومن ملكه كل شيء في هذا الكون ... وأرواحكم لو كنتم تعلمون ... ومن جهة أخرى تحسبه إنسان فقير معدم ... لايهوى القصور ولا الفلل ... لايهوى المال ولا الكنوز ... ولا القناطير المققنطرة ... من الذهب والفضة والنفائس .... فعنده خلاص نفس موحدة تسوى هذا الكون بكل ما فيه ... لديه كل شيء ... وهو المثل الأعلى في القيم والحق والأخلاق .... لايأكل ولا يشرب عبر الدهور والسنين ... مع ذلك خلق جميع أصناف المآكل والمشارب على إختلاف أنواعها ... خلقها لعبيده ... ولم يبخل بها حتى على أعتى الطغاة والمستبدين ... وكم كان يفرحه عندما يأكل عبد من عبيده لحدود الشبع والإمتلاء .... ولم يطلب على ذلك أجراً ولا شكورا .... وكم كان يحزنه حال المستضعفين في الأرض ... وهو القادر الشاهد الناظر ... لكن كل شيء في أوانه ... هكذا قدّر وهكذا حكم ...
إذاً ... مكارم الأخلاق والقيم الأصيلة ... وأوامر المعروف ... ونواهي المنكر [ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ] .... هي من قيمه ... ومن صفاته ونعوته ... وطلب من عبيده ... أن تسير على وقع خطاه ... إذا ... لم يأمرهم بأمرما هو يعمل عكسه ... كان يريدهم أن يتخذوه مثلهم الأعلى وقدوتهم الحسنى في كل شيء ... وكل ذلك لخلاص نفوسهم ... من إهتدائهم إلى السراط المستقيم ... والقيم الخيّرة ومزايا الخيرتعرفها الأقوام والشعوب ... والقيّم الشريرة ودروب الشرور والأشرار... معروفة لهم أيضاً ...
هذه بعض صفات الخالق العظيم إله دين التوحيد والموحدين " إله دين الدروز "... مولاي الحاكم بأمر الله الفاطمي ... رب العالمين ... وطلب منكم صدق اللسان ... وهو أعظم الصادقين ... وطلب منكم حفظ الإخوان ... وهو أعظم الحافظين ... وطلب منكم البراءة من الأبالسة والطغيان ... وهو أعظم المتبرئين ... وطلب منكم ترك ما كنتم عليه من عبادة العدم والبهتان ... وهو أعظم الكارهين لها جميعها.... وطلب منكم توحيده في السر والحدثان ... وهو الغني عنكم وعن العالمين ... وبالرضى والتسليم تكون بداية العلم والتعليم ... وهي ثمرة التوحيد ... بعد رضاكم بأوامره ونواهيه .... وتسليمكم جميع أموركم له ... وجميع ما تملكون ... وأولادكم وأجسادكم وأنفسكم وأرواحكم ... عندها يأتى رضاه عليكم وتقبله لكم ... ومن ثم هدايته لكم وتعليمكم وتثقيفكم وتأديبكم وتربيتكم ... وتوجيهكم ... والتواصل معكم من خلال إمامه وملائكته وأنبيائه ... ومن قصد مدينة طريقها واضح .... وسار بعكس الإتجاه مبتعداً ... فإيابه يكون من المكان الذي وصله من الإبتعاد ... ولا بد له أن يسلك الطرق الموحشة والمظلمة والمحفوفة بالمخاطر ... ليؤوب للمكان الذي إنطلق منه منذ دهور ودهور ... وبعدها يسير في الطريق إلى تلك المدينة [ هذا إن آب ] ... ولا بد له من قطع كامل الطريق ليصل إلى تلك المدينة ... فالمدينة هي ثمرة دين التوحيد وقبول وتقبل إله دين التوحيد له ... وطريقها واضح ... بقيم دين التوحيد .... ومنهجه وسراطه .... وكلما إبتعد من خلال شرور نفسه .... لابد له لكي يؤوب ... بأن يتخلص في البدء من هذه الشرور المتراكمة في نفسه ... وبعدها ينضوي ويسلك مسلك التوحيد .... وكلما إبتعد ... كان إيابه أصعب ... ولا يوجد طريق آخر للوصول لهذه المدينة .... ودين التوحيد دين طاهر لاتشوبه الخلائط ... فمثلاً لو كان عندك إناء تريد أن تضع فيه ماء عذب طاهر ... ألا أجدر بك أن تغسل هذا الإناء جيداً ... وتضع مواد التطهير والتنظيف به ... وغسله جيداً .... ليصبح طاهراً نظيفاً .... وبعد ذلك تصب به الماء العذب الطاهر .... فهذا الإناء نفسك ... والأوساخ التي فيه هي بقايا معتقدات الملل والنحل والشرائع والأقوام والأديان الأخرى ... ومزايا وصفات الشر والشرور والرجس والطغيان ... وكل الصفات المناهضة لدين ومعتقد التوحيد .... والماء العذب الطاهر هو دين التوحيد ... الذي لا يخالط الشوائب ... وإن خالطها يصبح لا عذب ولا طاهر ... ولا يصبح دين توحيد حقيقي أيضاً ... إنما خليط من الخلائط ... وإله دين التوحيد لا يقبل دينه في نفوس موحديه إلاّ عذباً وطاهراً ... وغير متمازج مع الخلائط ... أياً كان شكل هذه الخلائط ....
إن اللبيب من الإشارة يفهم ...
من إمام دين التوحيد .

ليست هناك تعليقات: